حازم النجم وقصيدته(شجن) في المحكمة

والله يا بو دانا البادي اظلم
يا الله من عندك لأنو الشباب بعدهم معيّدين تنعاد عليكم من السالمين

أخي مجدي : سررتُ جداً بمداخلتك على القصيدة ..
وحول ما تفضلتَ به من معنى نبيل فأنا معك أن الكثير من المواقف تتشابه وخصوصاً في قضيّة العشق عندما تجد أشخاصاَ يحملون نفوساً كبيرة , وكما قال مالئ الدنيا وشاغل الناس :
وإذا كانت النفوسُ كباراً ... تعبَت في مُرادها الأجسامُ
ولكن أود أن أشير إلى موضوع الأسماء الواردة في القصيدة (( زينب وهند )) فأنا لم أقصد أسماءً لأشخاص ٍ في الواقع , إنما هي رموزٌ أسقطتها على القصيدة , فزينب اسمٌ من أسماء الدنيا متعارفٌ عليه عند العرب , وعندما قلتُ :
(( زينب غوتني وللبلا فكـّت البند )) ... فقد قصدتُ الدنيا التي أصوّرها أنثى ولكن (( بائعة هوى )) لذلك أكملتُ في الشطر الثاني للبيت : (( فطناتها باهْل الهوى كلها صْدود )) فهي كثيرة العَوْد وليس عَوداً أحمداً والله , فما تتذكرُ عشاقها الذين أغوتهم إلا لتريهم جفاءها وصدّها في أحرج اللحظات ...
أما هند , فهي زوجة الحَجّاج بن يوسف الثقفي بل وطليقته التي عشقها الخليفة (( مروان بن عبد الملك )) والقصة معروفة عندما أرادها الخليفة زوجةً له من بعد الحجاج وعندما اشترطت أن يقود الحجّاج ركبَ زفافها للخليفة... وعندما سار الركب والحجاج يقوده قامت هند بإسقاط دينارٍ على الأرض وادّعت أنها أضاعت درهماً , وأصرّت على إيجاد هذا الدرهم وعندما بحث المرافقون عن ضائعها وجدوا الدينار فقالوا : يا مولاتي وجدنا ديناراً , فقالت (( أضعنا درهماً ووجدنا ديناراً )) وهي تقصد أنها تركت الحجاج وذهبت إلى الخليفة , وعندما علم الخليفة بهذا ضحك مطوّلاً وقال (( يا حجّاج ماذا تقول في هذا ؟!! )) فأجابه )) عزائي يا مولاي أني لم أفتح بلاداً فتحها قبلي فاتحٌ ... )) وكانت بداية الشقاق بين الخليفة وهند فيما بعد ...
ومن هنا قلت في قصيدتي هذه : (( ماهمني الدينار لو ضيّعَت هند )) وتقدير الكلام : لا يهمّني إن ضيّعت هندٌ دينارها المعروف .. وبذلك أخبرُ صاحبتي التي ظنـّت أنها تستبدلني بالأفضل أن أمثالها كـُثرٌ في تلك المرحلة من حياتي (( بنوك الهوى عندي بها الحب مرصود )) .. وهذه الأمثال هي ممرّ وليست مقرّ .
ورغم هذا الصدود وهذه الألاعيب وهذه العشوائية في الحب فهناك حالة شجن بل وأسف يقرّ بها المرء كلما أعادته الذاكرة للماضي , فليس هناك عشاقاً بدون حزن وبدون معاناة وبدون جمال أياً كان عشقهم , وتباً لهذه الدنيا الرثة ...
أحييك أخي مجدي وأعتذر على الإطالة

أبو وسام الغالي
والله يا اخي سلامتك ... شهادتك مجروحة ولك الشكر والمودة الصادقة
وانا اعرف أنك من ذوّاقة الشعر المهمين وأعرف أن لديك قصائد وجدانية رائعة على أرقى المستويات
وطولة البال .. عالمحكمي يا بو فهد ...

جاء أبو دانا وا ويلاه مما كتبت يدانا ....
صديقي رائد : أحييك لهذا التعمّق بالقصيدة ولهذه الدراسة المبدئية الشيقة ...
وأهمس في أذن تلعة شبيح سراً ليس مكتوماً جداً أن ابو دانا عازف عود من الطراز الرفيع وله خبرة في موضوع المقامات الذي يهاجم قصيدتي البريئة من خلاله ...
ولي الحق أن ادافع عن هذه الطفلة البريئة التي تتعرض للدلال والعتاب على قدر المحبة ...
أخي رائد :

1 ـ الترانيم في معناها اللغوي لا تعني التمايل كما قلت بل أعطيك معناها من قواميس اللغة :
رنـِمَ رنيماً ورنـّمَ وترنـّمَ : طرّبَ صوته وغنـّى غناءً حسناً , والترنيمة : الأنشودة وجمعها الترانيم ... ومن هنا يمكن لك أن تقول عن أي مقام أو مقطع صوتي موسيقي (( ترنيمة )) أي طرب وغناء حسن أو أنشودة , فإذا عزفتَ لنا مقام الصبا مثلاً فأنت تعطيناً صوتاً حسناً صادراً عن تلك الأوتار التي تغنــّي بلغة العالم كله ... وما أكثر القصائد التي ترافق المقامات والتي تحوّلها إلى ترنيمة (( أنشودة )) كاملة /صوتاً وكلاماً ومقاماً /
وهنا نحن في موضوع ( شعر ) والصورة والاستعارة هما عماد الشعر الأساسي واللغة العربية واسعة المجاز فنقول مثلاً : ( بَريقُ الذهب ) أو ( لمعان الذهب ) وفي الحالتين ندل على هذا الضوء البسيط الذي ينعكس عن الذهب وكذلك نقول ( مقام الصبا ) أو ( لحن الصبا ) أو ( ترنيمة الصبا ) على حسب ما تعطينا دفقة الشعور الواحدة أثناء كتابة القصيدة بعيداً عن الأسماء العلمية الجاهزة التي وُضعت من قِبل أصحابها الأقدمين ...

2 ــ أما عن كلامك حول استحالة غياب أي لحن عن أي مقام وخصوصاً اللحن الحزين فانا معك يا صاحبي وأنا لم أغيّب ( مقام حزني ) عن الوجود نهائياً بل قلت : (( مقام حزني ما له بعِلمِك وْجود ... ) وأدقق على كلمة ( بعلمك ) لأقول أن هذا المقام الذي نشأ عن حزني لمــّا يُسمّى بعد في عِلم المقامات المعروف وهذا مجاز للشاعر وأنت أشرت له في كلامك ويا اخي يحق للشاعر ...

3ــ الصراع الذي أشرتَ له فعلاً هو صراع موجود بضدّيته الأبدية منذ بداية الخليقة وأنا أتكلم عن الدنيا والناس وأؤكد أن ( زينب ) اسمٌ من أسماء الدنيا في عُرف الأعراب , وترى الدهماءَ في جدل ٍ وفي تقلـّبٍ مع أحوال هذه الدنيا فمرّةً تلين القناة ومرّةً تشتد ...
4 ــ هنا انتقلتُ إلى المحبوب الذي يجب أن يكون محطة استراحة سرمدية ووجهاً آخرَ يبثّ نوراً وطمأنينة في هذه الدنيا , نعم هو جميل ويجب أن يكون الأسمى والأبقى لأنني لا أكترث لمن يمرّ مرور سحابة الصيف في سمائي , ولكن ... جاء كالدنيا تماماً بسيئاتها ..

5 ــ تقول العرب ( هرّت الحرب ) أي كشّرت أنيابها , وفعلاً كانت حرباً في داخلي ولكن لم يكن هناك تعادل في النتيجة رغم أن كلانا يجد نفسه منتصراً في النهاية وأنا لا أسمّيه تعادلاً وهذا ما يفور في صدري كالرعد والبرق ... لقد كانت مثل غيرها ...

6 ــ هكذا نعم .. وللأسف , فليس هناك عشقٌ يمر بدون تعقيد وذكريات جميلة مهما كانت النتيجة ... نعم ان العشق اضطراب وخطابٌ وجواب ...

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ..........
مشكور يا بو دانا .........

العم الحبيب أبو مازن
لك الصدر ولك الكرامة
ليس لي في وجودكم شيء , مرورك بالقصيدة شرفٌ بحد ذاته

تحياتي وتقديري للشاعر الحبيب مجدي العمار
الذي فيه من سماحة الخلق والتواضع ما يدل على أهل الرفعة
والله يا أخي مجدي لا أنكر أن قراءتك للقصيدة كما وردت أعجبتني وأنا شخصياً لا أجد إشكالاً في أن تــُقرأ القصيدة بأكثر من منحى , وبأكثر من رؤيا ...
فالموضوع الذي طرحته حول تشابه بعض المواقف وبعض الرجال هو موضوع قائم في محاكمة معظم قصائدنا وهو موضوع حساس ...
ولا أنكر أن القصيدة معقدة بعض الشيء فأبياتها القليلة هذه تلعب بين الدنيا وبين المحبوب الذي هو كالدنيا وأنا أجد الشاعر هنا في مخاضٍ من الفلسفة المعقدة التي يتوضح إرهاق صاحبها في التخلص من موضوع لموضوع , مما يضع القارئ أمام قراءات متعددة , والحقيقة عندما تحتاج القصيدة إلى شروحات مكثفة مثل هذه التي دأبتُ عليها فإنها قصيدة بعيدة عن منال الجمهور الأوسع رغم انها تعطي شيئاً من المتعة إذا ما وقف القارئ عند بعض اللفتات المعقدة فيها ..
اود ان اشكرك من قلبي لتواضعك ووقوفك عند القصيدة