رائد نادر في محكمة شبيح

قصيدة الأخ أبو دانا رائد نادر (( رسالة إلى زوجي المهاجر )) وهي من أجمل ما قرأت , نضعها بين ايدي المحبين وعالمحكمة يا بوفهد .......
أنقلها كما وردت حرفياً :

عندما يترك زوجته و أولاده و أمه و أخته ويغادر البلاد متعنبا ً بغربة هذا الزمن المر ومسافرا ً الى بلاد ٍ بعيدة ٍ باحثا ً عن لقمة عيش ٍ لا يدري ما مدى كرمها و سهولتها أو صعوبتها و...و...و

ومن ثم ننتظر و ننتظر عودته الينا .. كانوا في البداية يريدون العيش و لكنهم أصبحوا الآن يريدونه هو أن يعود وفقط ... وكفى ... أرجوك ... أين أنت ؟؟....

و هنا بدأت الآن المعاناة .. لمن ؟؟.. تلك الزوجة التي لم يبق لها باب ٌ في نجاتها الا عودة البطل ... حتى بدون أن تكون مظفرة ....

خذاني الشوق و احتاجك سجنته من زمن غابر
تطول بغيـــــبتك و احنا نذرنا العيــن و العبره

حداني ضيّق الحـــاله أقــــول ان الـــزمن ماكر
واحس الروح من راسي تغيب وتحضر الفكره

على ميعاد يالغايب حبســـت الصوت من باكر
و قلـت الوقت يسـعفني يعـــود الطير ل وكره

على ميعاد و اشواقي خذلني و قتها الحاضر
و صار الهم يزهى لي وتبدل شوقي بحسره

تعبت الروح باحمالك ثقيل الشيل يا مسافر
يهد الحيل باحمــاله كــبير الــهم من وزره

تعـــــــال بغيبة الأشواق تعدّل جونا المــاطر
تطيب قلوبنا بشوفك تعيش و تنتهي الخطره

هــنا الارواح تلفانــــه يتيمه تـــنظرك نــــاصـر
مثل موسى ومثل عيسىومثل سيفٍ على النصره

مثل ما حطت الدنيــــــــا بحد الصــــارم الباتر
بكف الجوع و الايمان على عنق الزمن شفره

تعال ورتب هدومك على رفوف الهوى العاثر
هوى طفل ٍ يسايلني .. علامه طالت السفرة


رائد نادر 12/2010

أخي رائد :
من أجمل القصائد وأصدقها , هذه القصائد التي تحاكي الواقع والتي ينفح عبق الوجدان من بين أشطرها , وقد نظمتَ قصيدتك هذه في موضوع ٍ كبير ٍ وخطير , تعاني منه المجتمعات بشكل عام , وهو الغربة الجائرة , اللهم أنت كتبت حول سلبية بعض المغتربين ولا يمكننا أن ننكر هنا أن الغربة قدّمت الكثير بالاتجاه الإيجابي , فقد بُنيت البيوت وتيسّرت الأحوال ورغـُد العيش جرّاء هذه الغربة في الكثير من المواضع ...
وأنت كما نقرأ تعالج الوجه القاتم للغربة , وتلوم ذلك المغترب الذي ينسى ما وراءه من التزامات وواجبات إنسانية يفرضها الضمير الحي .
لقد تكلمت بلسان صاحبة المصيبة الأكبر , وهي الزوجة , هذه الرؤوم الخدوم التي صبرت وضحّت وأعطت ولم تأخذ على قدر عطائها ....
أبدعت حقاً في اختيار الوزن والقوافي فهما يحاكيان الموضوع بنغمة الناي الحزين أو الكمنجة المغرقة في ترنيمتها المُثلى ..
ومما يثير الإعجاب في صور القصيدة من الناحية الفنية :
حضور الروح في الرأس وهي صورة مبتكرة , ومن ثم غيابها أمام الفكرة , وهذا استدراكٌ خطير وجميل , يوضح لنا أن العواطف التي تأخذ الزوجة في حالة شجن تكاد تكون شاملة لولا أن الواقع المرير يذهب بها بعيداً لتقول لنفسها : وماذا بعد ؟؟؟ هل سأبقى في شجن ٍ طويل أم سأنهض لأعين المقادير ....
وتكتمل الصورة في البيت الذي يقول :

/على ميعاد و اشواقي خذلني وقتها الحاضر/

وتنساب القصيدة في آلامها المتتالية إلى أن تصرخ الزوجة بحقيقةٍ مخيفة وظفها الشاعر في خاتمة القصيدة :
/تعال ورتب هدومك على رفوف الهوى العاثر
................. هوى طفل ٍ يسايلني .. علامه طالت السفرة /
وهنا الطامة الكبرى , هذا الطفل الذي يبحث عن حنان الأب ودفء حضوره , والذي يسأل بكل معطيات منطق الطفولة الصادق , أين أبي .........؟؟!!
أود أن أشير برأيٍ خاص إلى بعض المآخذ على القصيدة من الناحية الفنية :

1 ــ تكرار مفردتين هما أساس القصيدة لا شك , ولكن كان يمكن للشاعر أن يستبدل الكلمات بما يوافقها دون أن يكرر اللفظة الواحدة وخصوصاً أن القصيدة قصيرة .. فهو يستخدم كلمة الشوق أربع مرات وكذلك الغياب وهذا يوحي بتكرار الفكرة والموضوع دون الانتقال إلى حالةٍ أخرى تفيد القصيدة أكثر , وكانت تكفي إشارة ٌ لمرة واحدة أو مرتين بالأكثر لموضوع الغياب والأشواق كمفردات خصوصاً أن القصيدة مبنية عليهما ...
2 ــ البيت الذي يقول : / تعـــــــال بغيبة الأشواق تعدّل جونا المــاطر /
كيف سيعدّل الجو الماطر , أو إلى ماذا سيعدله , فلو أنها تطلب تعديل الجو القاحل فهذا يدل على أنها تريد الخير بعد الشر مثلاً أو الفرح بعد الحزن , ولكن المطر يا صديقي هو رمز الخير والعطاء فكيف تطلب تعديل هذا الجو ... ربما أردتَ بالجو الماطر , جوّ الظلمة والبرد القارس أو جو الكآبة , ولكن أعتقد أن الجملة لم تخدمك كما أردت .

3 ــ البيت الذي يقول عجزهُ :

/ بكف الجوع و الايمان على عنق الزمن شفره /

فيه ثقل وذلك عندما استخدمت حرف ( على ) ........
هذا رأي وربما نجد لديك الحجة الدامغة ,
القصيدة رائعة وصاحبها أروع ................

جزاكم الله خيراً
وأنا سعيد لدخول الأخ أبو تمام في هذه المحكمة التي هي بحاجة للرأي والمناقشة من قبل كافة الأعضاء وخصوصاً الذين لهم باع طويل في مجال الشعر الشعبي
وبالتالي نحن بتبعيتكم نسلط اضواءً على القصيدة ربما لا تتاح لها إذا ما ألقيت في حضورٍ كبير يعتمد على المجاملات ......
أنا معك اخي أبو دانا ومع الأخ أبو تمام أن تكرار المفردة لا يضير القصيدة بتاتاً ولكن كان لا بد من السؤال والجواب وأمام مثل هذه القصائد الضخمة لا يمكننا إيجاد الأخطاء الفادحة التي تفتح لنا مجال النقد والتعليق بقسوة ولكن نهز الورد كي نشمّه
وبالنسبة للبيت الذي اشار له ابو تمام فعلاً فيه ثقل والثقل يمكن أن يتعدّل لو قلت مثلاً :
تعال بلوعة الأشواق عَدّل جوّنا الماطر

وما زلت مصمماً أن الفكرة ضعيفة في تعديل الجو الماطر وحجّتك لم تغير من رأيي يا ابو دانا ... شو بعمل راكبي سن أعوج ههههههه

تحياتي
وانا أسحب تأييدي لأخي بشارحول ( غيبة الأشواق ) بعد ان شرح حجته الأخ رائد ولكن أنا مصمم على أن الجو الماطر هو جو الخير والبركة وخصوصاً يا أخي في مثل هذه السنين القاحلة التي ننتظر جوّها الماطر بكل ما اوتينا من صبر
وأنا مع فكرة ابو تمام في أن الثقل ليس كسراً ولكلٍ مدرسته يا اخي
تحياتي للنقاش واهله