تـلعة شــْبـيـح
هــلا وغــلآ وكل الر حب
نرجو من الأخوة التسجيل بالأسماء الحقيقية في هذا المنتدى
في هذا المنتدى قصائد موثوقة من اصحابها واعمال كاملة لشعراء من الماضي الجليل لذلك نطلب التسجيل بالإسم الحقيقي فنحن أمام مدوّنة شعر شعبي تراثي

حياكم الله

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تـلعة شــْبـيـح
هــلا وغــلآ وكل الر حب
نرجو من الأخوة التسجيل بالأسماء الحقيقية في هذا المنتدى
في هذا المنتدى قصائد موثوقة من اصحابها واعمال كاملة لشعراء من الماضي الجليل لذلك نطلب التسجيل بالإسم الحقيقي فنحن أمام مدوّنة شعر شعبي تراثي

حياكم الله
تـلعة شــْبـيـح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ديناميت في جيوب الماغوط

اذهب الى الأسفل

ديناميت في جيوب الماغوط Empty ديناميت في جيوب الماغوط

مُساهمة من طرف حسن خيزران 31/5/2012, 04:50

ديناميت في جيوب محمد الماغوط
رأيت بأم عيني، ولم يحكِ لي أحد، في أحد البلدان، التي دخلَتْها موضة الليبرالية الاقتصادية، ومصطلح اقتصاد السوق، بعد عهد زاهر من رأسمالية الدولة، وكنت أجلس ذات ليلة في شرفة مطعم فخم من مطاعم المدينة كمستضاف.. وفي البهو الواسع الذي تطل عليه الشرفة، كانت ثمة وليمة عرس.. ومدعوّون كثيرون من الرجال والنساء.. يجلسون حول مائدة الوليمة.. وككل عرس كان هناك من يعزف على آلات موسيقية.. وهناك من يغني.. ومن يتبرع بالرقص.. وقد أمتعني المشهد حقاً..
وانتهت الحفلة، ونهض المدعوّون تباعاً.. وأثناء النهوض راحت الزوجات يخرجن أكياس نايلون من محافظهن، ويسقطن في الأكياس ما تبقى من طعام كان بالأصل مخصصاً لهن ولعائلاتهن.. وقد فاجأني المشهد، وأدهشني (بالمعنى السلبي للكلمة)، أن يصل اقتصاد السوق (المـُمَكْيَج) بكلمة (اجتماعي) إلى هذا الدرك المذل..
أما هنا في بلدي، فقد عاينت وجود جمعيات خيرية، أو على الأقل جمعية، (أعرف مكانها وعنوانها)، تطلق على نفسها اسماً غريباً عجيباً، هو (جمعية حفظ النعمة).. وعمل الجمعية يتلخص في جمع بقايا الطعام الذي يتبقى على موائد المترفين الساهرين القاصفين، حتى الفجر، في المرابع الليلية، والمطاعم المخملية، والمقاصف اللازوردية.. ثم تدويره وإعادة توزيعه على بعض معدمي وجائعي هذه المدينة..
وبدا لي الأمر مهيناً لإنسانية الإنسان، بغض النظر عن غاياته.. ورأيت في المشهد أن طالبي هذا الطعام كلهن من النسوة المنقبات نصف نقاب، ونقابهن مشكول بدبوس يمر من تحت الأنف... وقدّرت أنهن من الأرامل، أو المطلقات، أو زوجات مساجين، أو رجال مقعدين، أو مدمنين... وفي الوقت ذاته، تساءلت عن نوع هذا الطعام، الذي طُبخ قبل يوم من التوزيع، وعن القيمة الغذائية التي فيه.. وقد نقل من مصدره في سيارات غير مبردة.. ناهيك عن أن اسمه سيبقى: فضلات طعام!.. حتى لو نقل بطائرات كونكورد...
ولست ضد هذا (النشاط)، مع غياب كامل للدولة عن رعاية مثل هذه الحالات، ولكن لا بد من التنويه، أن للجمعية غايات.. (وقد نشطت مثل هذه الجمعيات كثيراً في مصر قبل الانتخابات الأخيرة).. وفهمكم كفاية!... وسؤالي المشاغب هو: "كيف يطلق على مخلفات المتخمين مصطلح (النعمة)؟.. وهل يخلّفُ (البطرانون) نعماً على المعدمين؟.. وهل تأتي هذه النعم إلا من أفواه الجائعين؟!..
ولدي حادثة عن الشاعر الراحل، الصديق، والمعلم، محمد الماغوط.. لم تروَ من قبل، وأنا شاهدٌ عليها.. وكان يكتب زاوية في الصفحة الأخيرة من الصحيفة التي أعمل فيها... حيث دعي رئيس التحرير إلى حفل افتتاح لفندق خمس نجوم... لكن مشاغله حالت دون حضوره.. ووجد أمامه محمد الماغوط، فرجاه أن يحضر الحفل نيابة عنه..
تردّد الماغوط، وتذرع بأن ذقنه غير حليقة.. وأن حذاءه بلا (شوّاطات)، وأنه بحاجة إلى ربطة عنق.. ولبّى رئيس التحرير كل مسائل إعادة تأهيله.. ووضع تحت تصرفه سيارة أوصلته إلى الفندق.. ويبدو أن إدارة الفندق شاءت أن تجعل من حفل الاستقبال حدثاً يبشر بالليبرالية.. حيث الطعام وافر للأقلية، ونادر لدى الأكثرية..
ولم يصدِّق الماغوط وجود مثل هذا الترف.. وكتب في اليوم التالي زاوية عن الحفل، وصف فيها ديكاً محشواً يتصدر المائدة الرئيسية، خُيّل إليه أنه ديك حقيقي.. وكتب الشاعر في زاويته: "خشيت أن أمد إصبعي باتجاه منقار الديك، خوف أن ينقضّ عليها، ويأكلها"!.. وأنهى (أبو شام) زاويته بنداء يقول فيه: يا جياع العالم.. اتحدوا!..
لكنه لم يفكر ولو للحظة بتأسيس جمعية لحفظ النعمة... لأنه كان يحتفظ بديناميت العدالة في جيوبه، كما يحتفظ طفل بدحاحل بللورية بين أصابع كفه، كي يرميها باتجاه نوافذ المتخمين!..
~~~~~~~مشاركة/وليد معماري~~~~~~~~~~~~~
حسن خيزران
حسن خيزران

عدد المساهمات : 638
نقاط : 1253
تاريخ التسجيل : 20/10/2010
العمر : 75

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى